ملحمة كلكامش
الدكتور
سمير ابراهيم الحمداني
آب-2010
(( ولعلي لا أبالغ إذا قلت انه لو لم يأتنا من حضارة وادي الرافدين, ومن منجزاتها وعلومها وفنونها شيء سوى هذه الملحمة لكانت جديرة بأن تبوأ تلك الحضارة مكانة سامية بين الحضارات القديمة))
هذا ماقاله العلامة الآثاري العراقي طه باقر عن الملحمة عند حديثه عنها.
البحث عن الخلود هو السر الكامن وراء تطور البشرية , فالذين يؤمنون بالحياة الآخرة يعمرون الدنيا من اجل بلوغ الخلود في الآخرة وبذلك امروا , والذين لايدينون بدين يعمرون الارض بحثا عن الخلود فيها لكي تكون هي مستقرهم الامثل. وهذا الحافز(البحث عن الخلود) خفي في النفس البشرية يتخذ وجوها عدة لابرازه الى حيز التطبيق العملي.
ولعل السر وراء البحث عن الخلود هو استعصاء الفهم الانساني في معظم مراحل تطوره على استيعاب العلاقة بين الحياة والموت وماهية كل منهما, واذا كان اللانسان ببحثه قد قطع اشواطا في فك شفرات والغاز الحياة , فهو عاجز تماما ولم يستطع حل لغز الموت ومابعده.
عودة الى ملحمة كلكامش , فهي اول عمل شعري ملحمي بشري على الاطلاق يوثق كتابة وتناقلته الحضارات القديمة وكتب بلغاتها وخاصة لغات حضارات وادي الرافدين.
الملحمة ابداع انساني فريد كتب شعرا يتناول مواضيع شتى حول الحياة الانسانية محورها هو العلاقة الوجدانية بين البشر والعلاقة بين الحياة والموت ورحلة الانسان للبحث عن الخلود وصدمته في النهاية بالحقيقة التي لم يستطع فك لغزها وهي ان الموت جزء من حياة البشر الحالية ومرحلة الى مابعدها . وهذا ماجعل الحضارات القديمة توظف حيزا كبيرا من جهودها لخدمة الانسان الميت بعد موته والاعداد لحياته المقبلة.
نظمت ملحمة كلكامش التي وصلت الينا عن طريق الرقم الطينية باللغة البابلية(الاكدية).وكان اول نظمها قبل اربعة الاف عام باللغة السومرية , وحيث أن الشعر أقدم ما زاوله الإنسان من الفنون الأدبية وربما كان اصله الانشاد فانها قد نظمت شعرا , ولا غرابة ان اصل كلمة شعر هو بابلي (شيرو) وسومري(شر) والذي يؤيد ذلك ان هذا المصطلح موجود في جميع اللغات السامية القديمة مثل(شير) العبرانية و (شور) الارامية.
وللمقارنة فان الابستاه( اقدم ماكتب من الادب الفارسي) والركفيدا(اقدم ماكتب من الادب الهندي) لم يكتبا قبل النصف الاول من القرن الاول قبل الميلاد, والاياذة والاوديسا(اقدم ماكتب من الادب اليوناني) لايتعدى تاريخ كتابتهما القرن السابع او الثامن قبل الميلاد ,وحتى الادب الكنعاني الذي اكتشف حديثا في اوكاريت(بسوريا) لايتعدى تاريخه منتصف الالف الثاني قبل الميلاد اي بعد تدوين الادب في العراق القديم بما لايقل عن خمسمائة عام.وبالمناسبة فان اقدم تدوين للتوراة لايتعدى القرنين الخامس والسادس قبل الميلاد
تتألف ملحمة كلكامش من اثني عشر رقيما(لوح طيني) يحتوي كل منها على زهاء 300 سطر باستثناء الرقيم الثاني عشر الذي يحتوي على 150 سطرا,لذلك هي أطول قصيدة من الأشعار كتبت باللغة الاكدية.
يقول العلامة ألآثاري طه باقر,( حيث أنها أقدم الملاحم في الحضارات القديمة ولا يوجد معاصر لها في زمنها أو ما يضاهيها من آداب الحضارات القديمة قبل ظهور الإلياذة والأوديسة في الأدب اليوناني.
ومع أنها دونت قبل اربعة آلاف عام ولكن حقبة حوادثها ترجع إلى أزمان أخرى ابعد,وهنلك رقم طينية تحكي بعض جوانب الملحمة مكتوبة بالخط المسماري وباللغة السومرية.
في مجالها ومداها وأغراضها والمشكلة التي عالجتها وقوة شاعريتها كانت ذات جاذبية إنسانية خالدة في جميع ألازمان والأمكنة).
عالجت هذه الملحمة مشكلة إنسانية أساسية شغلت الإنسان منذ بدء الخليقة ألا وهي مشكلة الفناء والخلود , وتؤكد أن الفناء قدر لا يمكن التغلب عليه حتى من قبل من هو مثل كلكامش وأن الموت حتمية مقدرة على الإنسان.
كما طرحت ما يمكن أن يشكله انسياق الانسان خلف غرائزه من تغيير في نظام حياته , مع طرح ما يمكن أن تشكله العواطف المرتبطة بتلك الغرائز من طاقة يمكن أن تكون تدميرية إذا انساق البشر ورائها.
كذلك طرحت قضية الصداقة وعمقها بين البشر وكيف أنها إذا ما انقطعت بالموت كيف يمكن أن تؤدي بالإنسان إلى تغيير جذري في حياته كما حدث مع كلكامش فكان موت صديقه أنكيدو سببا في هجره مملكته سعيا وراء البحث عن سر الخلود للتغلب على الفناء.
وانتقل اسم كلكامش إلى معظم الآداب القديمة , وهو يعني بالاكدية(المحارب الذي في المقدمة)وبالسومرية(الرجل الذي سينبت شجرة جديدة) اي سيولد اسرة .
وقد نسبت أعمال مشابهة لأعماله إلى أبطال لهم مثل هرقل و أخيل وذي القرنين واوديسيوس, بحيث ذهب أكثر من باحث واحد إلى أن أسس قصص هرقل تستند بالدرجة الأولى إلى أصول مستقاة من ملحمة كلكامش وصلت إلى بلاد اليونان عن طريق الفينيقيين, فكلا البطلين من اصل الآلهة , وكلاهما اتخذ صديقا حميما, كلكامش اتخذ انكيدو صديقا وهرقل اتخذ يوليوس صديقا , وكان سبب جلب الكوارث لكل منهما هو امرأة , الآلهة عشتار لكلكامش , والآلهة هيرا إلى هرقل وكلاهما قاتل الوحوش وصرع ثور السماء وعثر على عشبة الخلود وزار بحر الموت( كلكامش) وجزيرة الموت(هرقل) .
ويرى الباحث روبرت كريفز ان هوميروس استقى الكثير من حوادث ملحمة كلكامش بالنسبة لأحد أبطال الإلياذة(أخيل).
كما بحث ذي القرنين عن الخلود في نبع ماء كائن في بحر الظلمات كما حاول كلكامش.
شخوص الملحمة في سطور
1- كلكامش : الملك الخامس للوركاء ابن الالهة ننسن ثلثاه اله وثلثه الاخر رجل حيث أن أبوه هو الكاهن الوركائي
2- الوركاء: (اوروك) مدينة جنوب بابل حيث حكمت سلالة مابعد الطوفان
3- انكيدو : صديق كلكامش نموذج الرجل الفطري يقال ان الهة الخلق اوردو خلقته على صورة الاله آنو من الطين
4- ننسن : ام كلكامش وبالعربية تكتب ننسون
5- همبابا : العفريت حارس غابة الارز وبالعربية يسمى خمبابا
6- أيا : اله الينابيع العذبة راعي الفنون وصديق الانسان
7- عشتار : آلهة الحب والخصب والحرب- ابنة آنو وراعية الوركاء
8- الثور السماوي : رمز القحط والجفاف خلقه آنو لابنته عشتار لتعاقب به غرور كلكامش
9- ايشو لانو : بستاني آنو – غضبت عليه عشتار فمسخته خلدا
10- شمش : الشمس – زوج واخو عشتار – ابن سن اله القمر
11- آنو ابو الالهة السومرية – كان الجبل الكوني العظيم الذي خلق من البحر البدائي في شقين: السماء والارض. وقد قسمها الاله انليل الذي راح يدير أمور الأرض بينما راح آنو يدير امور السماء, وهناك معبد في الوركاء يحمل اسمه.
12- سيدوري – ساقية الحانة تسكن قرب البحر , وهي التي اسعفت كلكامش عند عبوره إلى البحر.
13- الرجل العقرب وزوجته – حارسا جبل ماشو (جبل الارز)
14- ماشو : جبل ذو قمتين من سلسلة جبال لبنان خلفه تغيب الشمس ومنه تطلع ثانية عند الفجر.
15-انليل: اله الارض والريح والروح
16- اوروشنابي : ملاح اوتونبشتم في بحر الموت.
17- اوتونبشتم : حكيم مدينة شوروباك احدى اقدم مدن وادي الرافدين شمالي الوركاء بحوالي 30 كم , اسمه يعني(هو الذي رأى الحياة)حماه أيا من الطوفان.
( وللحديث بقية عن احداث الملحمة باختصار)
الدكتور
سمير ابراهيم الحمداني
آب-2010
(( ولعلي لا أبالغ إذا قلت انه لو لم يأتنا من حضارة وادي الرافدين, ومن منجزاتها وعلومها وفنونها شيء سوى هذه الملحمة لكانت جديرة بأن تبوأ تلك الحضارة مكانة سامية بين الحضارات القديمة))
هذا ماقاله العلامة الآثاري العراقي طه باقر عن الملحمة عند حديثه عنها.
البحث عن الخلود هو السر الكامن وراء تطور البشرية , فالذين يؤمنون بالحياة الآخرة يعمرون الدنيا من اجل بلوغ الخلود في الآخرة وبذلك امروا , والذين لايدينون بدين يعمرون الارض بحثا عن الخلود فيها لكي تكون هي مستقرهم الامثل. وهذا الحافز(البحث عن الخلود) خفي في النفس البشرية يتخذ وجوها عدة لابرازه الى حيز التطبيق العملي.
ولعل السر وراء البحث عن الخلود هو استعصاء الفهم الانساني في معظم مراحل تطوره على استيعاب العلاقة بين الحياة والموت وماهية كل منهما, واذا كان اللانسان ببحثه قد قطع اشواطا في فك شفرات والغاز الحياة , فهو عاجز تماما ولم يستطع حل لغز الموت ومابعده.
عودة الى ملحمة كلكامش , فهي اول عمل شعري ملحمي بشري على الاطلاق يوثق كتابة وتناقلته الحضارات القديمة وكتب بلغاتها وخاصة لغات حضارات وادي الرافدين.
الملحمة ابداع انساني فريد كتب شعرا يتناول مواضيع شتى حول الحياة الانسانية محورها هو العلاقة الوجدانية بين البشر والعلاقة بين الحياة والموت ورحلة الانسان للبحث عن الخلود وصدمته في النهاية بالحقيقة التي لم يستطع فك لغزها وهي ان الموت جزء من حياة البشر الحالية ومرحلة الى مابعدها . وهذا ماجعل الحضارات القديمة توظف حيزا كبيرا من جهودها لخدمة الانسان الميت بعد موته والاعداد لحياته المقبلة.
نظمت ملحمة كلكامش التي وصلت الينا عن طريق الرقم الطينية باللغة البابلية(الاكدية).وكان اول نظمها قبل اربعة الاف عام باللغة السومرية , وحيث أن الشعر أقدم ما زاوله الإنسان من الفنون الأدبية وربما كان اصله الانشاد فانها قد نظمت شعرا , ولا غرابة ان اصل كلمة شعر هو بابلي (شيرو) وسومري(شر) والذي يؤيد ذلك ان هذا المصطلح موجود في جميع اللغات السامية القديمة مثل(شير) العبرانية و (شور) الارامية.
وللمقارنة فان الابستاه( اقدم ماكتب من الادب الفارسي) والركفيدا(اقدم ماكتب من الادب الهندي) لم يكتبا قبل النصف الاول من القرن الاول قبل الميلاد, والاياذة والاوديسا(اقدم ماكتب من الادب اليوناني) لايتعدى تاريخ كتابتهما القرن السابع او الثامن قبل الميلاد ,وحتى الادب الكنعاني الذي اكتشف حديثا في اوكاريت(بسوريا) لايتعدى تاريخه منتصف الالف الثاني قبل الميلاد اي بعد تدوين الادب في العراق القديم بما لايقل عن خمسمائة عام.وبالمناسبة فان اقدم تدوين للتوراة لايتعدى القرنين الخامس والسادس قبل الميلاد
تتألف ملحمة كلكامش من اثني عشر رقيما(لوح طيني) يحتوي كل منها على زهاء 300 سطر باستثناء الرقيم الثاني عشر الذي يحتوي على 150 سطرا,لذلك هي أطول قصيدة من الأشعار كتبت باللغة الاكدية.
يقول العلامة ألآثاري طه باقر,( حيث أنها أقدم الملاحم في الحضارات القديمة ولا يوجد معاصر لها في زمنها أو ما يضاهيها من آداب الحضارات القديمة قبل ظهور الإلياذة والأوديسة في الأدب اليوناني.
ومع أنها دونت قبل اربعة آلاف عام ولكن حقبة حوادثها ترجع إلى أزمان أخرى ابعد,وهنلك رقم طينية تحكي بعض جوانب الملحمة مكتوبة بالخط المسماري وباللغة السومرية.
في مجالها ومداها وأغراضها والمشكلة التي عالجتها وقوة شاعريتها كانت ذات جاذبية إنسانية خالدة في جميع ألازمان والأمكنة).
عالجت هذه الملحمة مشكلة إنسانية أساسية شغلت الإنسان منذ بدء الخليقة ألا وهي مشكلة الفناء والخلود , وتؤكد أن الفناء قدر لا يمكن التغلب عليه حتى من قبل من هو مثل كلكامش وأن الموت حتمية مقدرة على الإنسان.
كما طرحت ما يمكن أن يشكله انسياق الانسان خلف غرائزه من تغيير في نظام حياته , مع طرح ما يمكن أن تشكله العواطف المرتبطة بتلك الغرائز من طاقة يمكن أن تكون تدميرية إذا انساق البشر ورائها.
كذلك طرحت قضية الصداقة وعمقها بين البشر وكيف أنها إذا ما انقطعت بالموت كيف يمكن أن تؤدي بالإنسان إلى تغيير جذري في حياته كما حدث مع كلكامش فكان موت صديقه أنكيدو سببا في هجره مملكته سعيا وراء البحث عن سر الخلود للتغلب على الفناء.
وانتقل اسم كلكامش إلى معظم الآداب القديمة , وهو يعني بالاكدية(المحارب الذي في المقدمة)وبالسومرية(الرجل الذي سينبت شجرة جديدة) اي سيولد اسرة .
وقد نسبت أعمال مشابهة لأعماله إلى أبطال لهم مثل هرقل و أخيل وذي القرنين واوديسيوس, بحيث ذهب أكثر من باحث واحد إلى أن أسس قصص هرقل تستند بالدرجة الأولى إلى أصول مستقاة من ملحمة كلكامش وصلت إلى بلاد اليونان عن طريق الفينيقيين, فكلا البطلين من اصل الآلهة , وكلاهما اتخذ صديقا حميما, كلكامش اتخذ انكيدو صديقا وهرقل اتخذ يوليوس صديقا , وكان سبب جلب الكوارث لكل منهما هو امرأة , الآلهة عشتار لكلكامش , والآلهة هيرا إلى هرقل وكلاهما قاتل الوحوش وصرع ثور السماء وعثر على عشبة الخلود وزار بحر الموت( كلكامش) وجزيرة الموت(هرقل) .
ويرى الباحث روبرت كريفز ان هوميروس استقى الكثير من حوادث ملحمة كلكامش بالنسبة لأحد أبطال الإلياذة(أخيل).
كما بحث ذي القرنين عن الخلود في نبع ماء كائن في بحر الظلمات كما حاول كلكامش.
شخوص الملحمة في سطور
1- كلكامش : الملك الخامس للوركاء ابن الالهة ننسن ثلثاه اله وثلثه الاخر رجل حيث أن أبوه هو الكاهن الوركائي
2- الوركاء: (اوروك) مدينة جنوب بابل حيث حكمت سلالة مابعد الطوفان
3- انكيدو : صديق كلكامش نموذج الرجل الفطري يقال ان الهة الخلق اوردو خلقته على صورة الاله آنو من الطين
4- ننسن : ام كلكامش وبالعربية تكتب ننسون
5- همبابا : العفريت حارس غابة الارز وبالعربية يسمى خمبابا
6- أيا : اله الينابيع العذبة راعي الفنون وصديق الانسان
7- عشتار : آلهة الحب والخصب والحرب- ابنة آنو وراعية الوركاء
8- الثور السماوي : رمز القحط والجفاف خلقه آنو لابنته عشتار لتعاقب به غرور كلكامش
9- ايشو لانو : بستاني آنو – غضبت عليه عشتار فمسخته خلدا
10- شمش : الشمس – زوج واخو عشتار – ابن سن اله القمر
11- آنو ابو الالهة السومرية – كان الجبل الكوني العظيم الذي خلق من البحر البدائي في شقين: السماء والارض. وقد قسمها الاله انليل الذي راح يدير أمور الأرض بينما راح آنو يدير امور السماء, وهناك معبد في الوركاء يحمل اسمه.
12- سيدوري – ساقية الحانة تسكن قرب البحر , وهي التي اسعفت كلكامش عند عبوره إلى البحر.
13- الرجل العقرب وزوجته – حارسا جبل ماشو (جبل الارز)
14- ماشو : جبل ذو قمتين من سلسلة جبال لبنان خلفه تغيب الشمس ومنه تطلع ثانية عند الفجر.
15-انليل: اله الارض والريح والروح
 |
| تخطيطات راكان دبدوب | <><><><><><>
17- اوتونبشتم : حكيم مدينة شوروباك احدى اقدم مدن وادي الرافدين شمالي الوركاء بحوالي 30 كم , اسمه يعني(هو الذي رأى الحياة)حماه أيا من الطوفان.
( وللحديث بقية عن احداث الملحمة باختصار)
 |
| تخطيطات راكان دبدوب | <><><><><><>
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق